تفسير قوله تعالى: {وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين 23 فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتقوا النار الت
  والجواب: أن القرآن لم يختص بالأقاصيص والمغيبات، فلو لم يمنعهم إلا ذلك لعارضوه في سائر أنواع الكلام، وأيضاً ليس المطلوب منهم معاني تلك الأقاصيص، بل يرضى منهم بأن يفعلوا أقاصيص من تلقاء أنفسهم، ثم يكسونها تلك العبارات؛ إذ معنى التحدي معلوم عندهم، فإنهم إنما كانوا يتحدون بالنظم واللفظ لا بالمعاني؛ ألا ترى أن علقمة عارض قول امرئ القيس:
  ذهبت من الهجران في كل مذهب
  بقول:
  خليلي مرّا بي على أم جندب
  مع أن أحدهما في الوصال والآخر في الهجران، وأيضاً - كان يمكنهم الاستعانة باليهود لمعرفتهم ما في القرآن من القصص، بل قد تحدى النبي ÷ اليهود به، وعجزوا عن المعارضة وفيهم العلماء، وبعد، فإن العرب قد بعثوا إلى الفرس يطلبون منهم القصص، وجمعوا من ذلك شيئاً كثيراً، ثم عجزوا عن جعله معارضاً للقرآن.
  الأصل الثامن: أن عجزهم دليل نبوته؛ والدليل عليه أنها قد حصلت حقيقة المعجز فيه، وتكاملت فيه شرائطه، فوجب أن يكون معجزاً دالاً على نبوته ÷. عليه اعتراضان:
  الاعتراض الأول: أن عجزهم لا يكون دليلاً على صحة دعواه، إلا إذا حصل القطع بأنه لا فاعل له إلا الله، ولا قطع بذلك؛ لأن من الجائز أن يمكن الله تعالى رسوله ÷ من الفصاحة ما لم يمكن غيره؛