مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين 23 فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتقوا النار الت

صفحة 2278 - الجزء 4

  كالإنس، فلو كان فيهم من يقدر على المعارضة لعارضوه كما مرَّ ذلك في الإنس.

  قيل: مع أنا لا نعلم ثبوت الجن والملائكة إلا بالسمع، فكيف يقف العلم بكون القرآن معجزا على العلم بعجزهم، ونحن لا نثبت وجودهم إلا به؛ هذا دور.

  أما الملائكة فلأصحابنا عنهم جوابان مع ما مر⁣(⁣١):

  أحدهما: أنا وإن جوزنا قدرتهم على مثله، فذلك لا يقدح؛ لأن المعتبر فيه عجز من ظهر عليه وتحداهم به، ونقض عادتهم، والملائكة غير داخلين في التحدي، ولا مكلفين بهذه الشريعة، ولذا قيل في حده: ما خرج عن طوق البشر، ولكون المعتبر نقض عادة المبعوث إليهم، كأن قلب المدن ونتق الجبال إذا وقع من مدعي النبوة معجزاً وإن قدر الملائكة على مثله.

  ثانيهما: أنا نقول: هم داخلون في التحدي، كما ذهب إليه الإمام المهدي محتجاً بعموم قوله تعالى: {وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ}⁣[يونس: ٣٨] ونحوها، فنقول: الملائكة معصومون لا يفعلون إلا ما أمرهم الله به، وهو لا يأمر بتصديق الكاذب، فإذا كانوا الذين أظهروا القرآن على لسان الرسول عقيب دعواه النبوة والناس عاجزون عن مثله كان ذلك بمنزلة قولهم صدقت، وتصديق الكاذب قبيح، والله تعالي لا يأمر به، فعلمنا أنه إذا كان من جهتهم فهو صدق، وإذا كان صدقاً


(١) من أنا لا نعلم ثبوتهم إلا بالسمع. تمت مؤلف.