مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

الفصل الثاني: في تحقيق مسألة أفعال العباد

صفحة 221 - الجزء 1

  قيل: لا نسلم أن الدوران لا يفيد إلا الظن، بل قد يفيد القطع اليقين إذا كَثُر تكرره واختباره، بل قد يفيد الضرورة كما في سائر التجربيات.

  وأما قولكم: لا مانع من أن يوجد الله أفعالنا عند قصودنا بمجرى العادة.

  فالجواب: أنه لو كان ذلكم كما ذكرتم لوجب صحة اختلافه، فكنا نجوز وقوعها وانتفاءها، ولا صارف بأن تختلف العادة كما في الحر والبرد، فإنه لما كان طريقه العادة اختلفت لاختلاف البلدان، وهكذا كل شيء طريقه العادة، فإنه يجوز اختلافه كالإحراق ونحوه.

  كما روي أن في الحيوانات حيواناً يقال له السمندل يدخل في النار، ويتمرغ فيها فلا تؤذيه ولا يحترق بها، حتى أنه يتخذ من دبره منديل غمر، فكلما توسخ يلقى في النار فيعود أنظف ما يكون.

  وروي أن بكرمان خشبة لا تحرقها النار.

  قال في (شرح الأصول): وكذلك في مسألتنا لو كان حدوث هذه التصرفات عند قصودنا بمجرى العادة لجاز أن يختلف الحال فيها حتى يصدق قول من قال إنه شاهد في بعض البلاد النائية عنَّا من كان يقع فعله منه عند صارفه، وينتفي عند داعيه، ويمكنه نقل الأجسام الثقيلة وهو ضعيف، ولا يمكنه نقل الخفيف منها إذا عاد إلى قوته، وتتأتى منه الكتابة البديعة ولما يعلمها ولا عُلمها، فلما تعلّمها لم يتأت منه ذلك، ومن صدق هذا المخبر فهو متجاهل، أو غير عاقل.