مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

الفصل الثاني: في تحقيق مسألة أفعال العباد

صفحة 222 - الجزء 1

  دليل آخر ذكره القرشي: وهو أن أفعالنا لو كانت مخلوقة عند قصودنا بمجرى العادة لكنا نجد أنفسنا مدفوعة إليها، وخلافه معلوم، وأيضاً لو جوزنا أن تكون من فعل غيرنا وإن وجدت بحسب أحوالنا لجوزنا أن تكون من فعل غير الله تعالى، وقد اعترض الإمام المهدي # على أصحابنا في قولهم باختلاف ما طريقه العادة، فقال: بِمَ تعلمون وجوب اختلاف العاديات ضرورة أم دلالة؟ الأول ممنوع، والثاني مسلم، لكن لا دليل لكم على ذلك إلا حكمة الباري وعدله؛ لئلا يلتبس الواجب بالجائز، وهذه طريقة غير مرضية لوجوه:

  أحدها: أن عدل الباري وحكمته إنما يثبت إذا ثبت أن أفعال العباد غير مخلوقة فيهم، فأما مع تجويز كونها خلقاً فيهم فلا، فاستدلالكم على أنها ليست خلقاً فيهم بما يفتقر إلى العدل والحكمة دور محض⁣(⁣١) لا يخفى عن ذوي نظر.

  الوجه الثاني: سلمنا أنه ليس بدور لزمكم أن لا يصح أن يعلم العبد أنه محدث لفعله حتى يعلم الباري وعدله وحكمته، وخلاف ذلك معلوم.

  الوجه الثالث: أنا لا نسلم أنه يجب على الله خلف العادات؛ لئلا يلتبس الواجب بالجائز؛ لأن العبد إذا علم أن العادة قد تستمر


(١) يعني أن الإستدلال على أن الله لم يخلقها فينا عند القصد بمجرى العادة بما تقرر من صحة تخلف ما طريقه العادة دور لأن هذه الصحة لا تثبت إلا إذا ثبت العدل والعدل لا يثبت إلا إذا ثبت أن أفعال العباد منهم، تمت مؤلف.