تفسير قوله تعالى: {وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين 23 فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتقوا النار الت
  والجواب عن القول بأن وجه إعجازه سلامته من التناقض ما مرّ من أن المتحدى به هو الفصاحة(١)، وبأن سائر كتب الله تعالى سالمة من التناقض مع أنها ليست بمعجزات.
  وبعد، فإن السلامة ليست خارقة للعادة فإنه يجوز منا تهذيب الكلام والاحتراز عن تناقضه. كما يجوز ذلك في القصائد والكتب المصنفة؛ وإنما علم أنه لو كان من عند غير الله لوجد فيه اختلافاً من الشرع فقط.
  قال الموفق بالله: فأما العقل فلا يقتضي ذلك لجواز أن ينظر في كل سورة وكلمة في الأوقات ويصونها عن التناقض.
  والجواب على من قال: إن وجهه كون قارئه لا يمل: أن التحدي لم يقع به، وإنما ذلك من خواصه وفضائله، وجعله القرشي وجها مؤكداً للإعجاز، قال: لأن للخصم أن يقول إنما لَذَّ لَكُمْ ولم تملوه على التكرار لاعتقادكم صحته، والإيمان به، وحصول الثواب عليه.
  وقال في (الأساس): إنما كان كذلك لبلاغته، وأما الإمام المهدي فقال: لا نسلم أنه لا يمل، بل قد يمل تكراره الملل العظيم إلا من يرجو ثواب التلاوة. قال: ولو جعلنا ذلك وجه إعجازه جعلنا الصلاة معجزة، إذ لا يمل تكرارها. وهكذا يجاب عن القول بالروعة والهيبة الحاصلة عند تلاوته وسماعه، أعني أنه لم يقع التحدي بذلك وإنما هو من خواصه.
(١) يرد عليه أن التحدي إنما وقع بمثل القرآن من غير ذكر الفصاحة أو غيرها من الوجوه. تمت مؤلف.