مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين 23 فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتقوا النار الت

صفحة 2325 - الجزء 4

  ممنوع لجواز أن تكونا في غيرهما، وقد ورد ما يدل على ذلك كما سيأتي قريبا.

  وأما قوله تعالى: {عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ}⁣[آل عمران: ١٣٣] فلا يصح حمل العرض الذي وصفت به الجنة على أن المراد به عين عرض السماء والأرض؛ لأن العرض هو امتداد الجسم من يمين الناظر وشماله، والمعلوم ضرورة أن الجنة غير السماء والأرض فكيف يكون عرضها هو نفس عرضهما؛ فلم يبق إلا أن المراد بالآية التشبيه ويؤيده ما روي عن ابن عباس أنه قال: الجنة كسبع سماوات وسبع أرضين لو وصل بعضها ببعض.

  فإن قيل: لسنا نريد أن عرض الجنة هو نفس عرضهما، وإنما أردنا أن عرض الجنة هو جهة عرضهما، وذلك لا يكون إلا بعد فنائهما.

  قيل: هذا باطل؛ لأن العرض ليس هو الجهة كما بينا، ثم إن هذا التأويل لا دليل ولا ملجئ إليه، وإنما بنيتموه على أنهما لو كانتا موجودتين لما كانت إلا في السماء أو في الأرض، وذلك غير مسلم؛ لجواز أن يكونا في غيرهما، بل هو الذي جاءت به الروايات.

  قال المرتضى: وقد روينا عن السلف أنهما قد خلقتا وأنهما فوق السماء السابعة، وذكر في ذلك حديثاً نزل به جبريل # في إيقاد النار حتى صارت أشد سواداً من الليل، رواه عنه في (البدر الساري)، وروي أن ناساً من اليهود سألوا عمر بن الخطاب: إذا كانت الجنة عرضها ذلك فأين تكون النار؟ فقال لهم: أرأيتم إذا جاء الليل