تفسير قوله تعالى: {وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين 23 فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتقوا النار الت
  فأين يكون النهار، وإذا جاء النهار فأين يكون الليل، فقالوا: إن مثلها في التوراة ومعناه أنه حيث شاء الله، وسئل أنس بن مالك عن الجنة أفي السماء أم في الأرض؟ فقال: وأي أرض وسماء تسع الجنة؟! قيل: فأين هي؟ قيل: فوق السماوات السبع تحت العرش.
  وقال قتادة: كانوا يرون الجنة فوق السماوات السبع وأن جهنم تحت الأرضين السبع.
  وأما قولهم: إن الله تعالى قد أخبر بعرض الجنة ولا يصدق الخبر إلا بالتأويل الذي ذكروه فغير مسلم، بل نقول لا يصدق خبره تعالى إلا إذا كانت قد وجدت وحصل فيها ذلك العرض، قال الحسن بن يحيى #: فقد دلَّ على أنه خلقها وكونها إذ قال عرضها كذا. وفيها كذا، وقول الله لا يسقط ولا يختلف، وأما بالتأويل الذي ذكروه فلا يصدق الخبر إلا على ضرب من التأويل(١)، لكن لا موجب له ولا دليل عليه.
  احتج القائلون بخلقها بوجوه:
  أحدها: أن الله تعالى أخبر في هذه الآية بلفظ الماضي بأنه أعد النار للكافرين، وقال في الجنة: {أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ١٣٣}[آل عمران] ومعنى أعدت: هيئت وادخرت، والإخبار عن إعدادهما بلفظ الماضي يدل على وجودهما وإلا لزم الكذب في خبر الله تعالى، فوجب القطع بخلقهما؛ والآيات الدالة على خلقهما كثيرة، منها: قوله تعالى: {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى ١٣ عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى ١٤ عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى ١٥}[النجم]
(١) وهو ما مرَّ عنهم. تمت مؤلف.