مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة السادسة [توقيت استحقاق الثواب]

صفحة 2363 - الجزء 4

  هو أن يستحق منذ فعله للطاعة والمعصية في كل وقت أجزاء معلومة منها، ويحسب له ما يجتمع في الدنيا ولا ينقص منه شيء حتى يتوفاه كاملاً في الآخرة، فإذا فعل طاعة يستحق عليها في كل يوم مثلاً خمسة أجزاء من الثواب وعاش مائتي يوم فقد توفر له ألف جزء فيوفى هذا القدر في الآخرة، ثم تستمر له الخمسة؛ لأنها المستحقة وتلك إنما توفرت له؛ لا يقال: فيلزم تنغصه في الجنة؛ لأنه إذا لم يعط ما كان يعطاه كاملاً فلا بد وأن يغتم لذلك، وأهل الجنة لا يجوز عليهم التنغيص والاغتمام؛ لأنا نقول: إن سلم من الاغتمام لمانع يمنع منه فذلك، وإلا فقال الإمام المهدي: إذا علم الله أنه يتألم بانقطاعها جملة فرقها على الأوقات بحيث ينقطع عنه شيء يسير لا يكترث بفواته حتى لا يجد تنغيصاً عند انقضاء آخرها، وهذا قول أبي علي، وقال أبو هاشم: بل يتفضل عليه بمثل المنقطع مستمراً؛ لئلا يقع التنغيص.

  قال الإمام المهدي: وهو باطل؛ لأن هذا الذي يُجْرَى عليه إن كان ثواباً صار واجباً وهو خلاف الفرض، وإِن جعله تفضلاً فذلك يقتضي أن له أن يجريه وأن لا يجريه، وأبو علي والجمهور لا يمنعون ذلك.

  إذا عرفت هذا فنعود إلى تمام حكاية الخلاف في المسألة فنقول: وقال أهل الموافاة وهم: هشام الفوطي، وبشر بن المعتمر وأتباعهما: الثواب والعقاب لا يستحقان في الحال بل ينتظر أمره، فإن وافاه الموت ولم يكن قد فعل ما يبطل به ثواب الطاعة ثبت له استحقاقه، وإِن كان قد فعل ما يبطله فلا؛ وكذلك المعصية، إن وافاه الموت ولم يكن قد فعل