مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة الرابعة [في مسألة الإرادة]

صفحة 2416 - الجزء 4

تنبيه [في أن الإرادة والكراهة أمران زائدان]

  قد مرّ عن الجمهور أن الإرادة والكراهة أمران زائدان على الداعي والصارف والشهوة والنفرة؛ ثم اختلفوا في تفصيل تلك المزية ماهي؟

  قال الإمام المهدي: ثبوت المزية في الشاهد على سبيل الجملة لا يفتقر إلى دليل؛ لأنها مودة من النفس، وأما على سبيل التفصيل فتفتقر إليه.

  قلت: وتفصيل ذلك أن القائلين بالمزية اختلفوا في ماهيتها، فذهب القائلون بها من المعتزلة إلى أنها صفة، وهي المزية، وقالت المجبرة: بل هي معنى. وقال أبو الحسين: بل هي حكم، وهو تعلق بين المريد والمراد.

  احتج الأصحاب على أنها صفة بأن القول بأنها معنى باطل؛ لأنها لو كانت معنى لكانت ذاتاً يصح العلم بها على انفرادها، والمعلوم ضرورة أنه لا يصح العلم بها إلا تبعاً للمريد، كما نعلم ذلك في كوننا متحركين وساكنين وعالمين، فوجب أن يكون مثلها في كونها مزية للذات، والقول بأنها حكم باطل أيضاً؛ لأن التعلق إما أن يكون مزية للذات فهو كقولنا، وإنما خالف في اللفظ، وإما أن يكون حكماً وهو صحة تأثير الذات في المتعلق فلا بد لذلك الحكم من مقتضي، وهو إما الذات فيلزم اشتراك الذوات فيه؛ إذ لا مخصص، أو أمر زائد عليها فهو يؤول إلى قولنا؛ لبطلان كل أمر يحتمل ثبوته لأجله سوى الصفة؛ وإذا بطل هذان القولان تعين قولنا؛ إذ لا قسم رابع يعقل أن يكون هو المزية.