مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها فأما الذين آمنوا فيعلمون أنه الحق من ربهم وأما الذين كفروا فيقولون ماذا أراد الله بهذا مث

صفحة 2422 - الجزء 4

  وقال جمهور المعتزلة، والزيدية، والمجبرة: بل هو تعالى مريد على الحقيقة، ومعناه أنه مختص بصفة كما مرَّ، فهذه الصفة - أعني كونه مريداً - ثابتة له تعالى على الحد الذي تثبت لنا، وهي زائدة على الداعي والصارف كما هي كذلك فينا، ثم اختلف هؤلاء في كيفية استحقاقه تعالى لها كما سيأتي في الموضع الثالث.

  احتج الأئمة ومن وافقهم بوجوه:

  أحدها: أن جعل الإرادة معنى أو نفس العلم بالمصلحة مما لا دليل عليه، وما لا دليل عليه يجب نفيه.

  الوجه الثاني: أن الله تعالى لو كان مريداً بإرادة لكانت إرادته إما معقولة، ولا يعقل منها إلا ما يشبه إرادة المخلوقة فيلزم التشبيه، أو غير معقولة فيكون الكلام فيها عبثاً وغلواً، وتجاوزاً لحد العقل، وذلك لا يجوز.

  الثالث: أن الأمة مجمعة على أنه لا يكون شيء موجوداً غير الله إلا في العالم، فإن كانت هذه الإرادة في العالم فقد صار العالم لها مكاناً، ولم يقل أحد: أن إرادة الله تعالى قائمة بذات غير ذات الباري تعالى، نصَّ عليه الرازي، وصاحب (المواقف)، وإن كانت في غير العالم فماذا غير العالم إلا الله تعالى؛ أو العدم، والقول بأنها قائمة بذات الباري تعالى باطلٍ بما سيأتي، فلم يبقَ إلا العدم وهو نفي محض، فكيف يكون محلا لشيء.

  قال الإمام (أحمد بن سليمان): فإذا لم تكن نية ولا ضميراً،