مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها فأما الذين آمنوا فيعلمون أنه الحق من ربهم وأما الذين كفروا فيقولون ماذا أراد الله بهذا مث

صفحة 2423 - الجزء 4

  ولا كانت الخلق نفسه ولا كانت في مكان، فهل هي إلا عدم، ولا يعقل شيء موجود لا يكون حالاً ولا محلاً إلا الله؟

  قلت: وإذا ثبت أن إرادة الله تعالى أمر ثبوتي، وبطل أن تكون كإرادة الواحد منّا صح أنها هي خلقه لا غير، ويكون معنى ذلك يريد الله كذا كمعنى يخلق، ويحكم ويثيب ويعاقب، وإنما خاطب الله العرب بلغتهم وبما يعرفون، كما قال تعالى: {يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ}⁣[يس: ٣٠] مع أنه تعالى لا يتحسّر.

  الوجه الرابع: ما روي عن أمير المؤمنين # من نفي إثباتها معنى من ذلك قوله #: (لا يوصف بشيء من الأجزاء، ولا من الجوارح والأعضاء، ولا بعرض من الأعراض). رواه في (النهج)، وفيه عنه #: (يريد ولا يضمر).

  وفي مجموع السيد حميدان عنه #: (ومشيئته الإنفاذ لحكمه، وإرادته الإمضاء لأموره). وهذا تصريح منه # بأن إرادته هي نفس المراد، ولذا أخبر عنها بأنها الإنفاذ والإمضاء للأمور، وهو الخلق والأمر، وعلى هذا فيكون وصفه تعالى بأنه مريد على جهة التجوز لا غير.

  قال السيد أحمد بن محمد الشرفي: سمي مراده إرادة توسعاً؛ لأنه جل وعلا مريد لا بإرادة، كما أنه سبحانه عالم لا بعلم، وقادر لا بقدرة؛ لأن الإرادة الحقيقية التي هي النية والضمير في حقه تعالى محال.