المسألة الرابعة [في مسألة الإرادة]
  والجواب من وجهين:
  أحدهما: أن تلك الطريقة لا تتأتى هاهنا؛ لأن ضد السهو والغفلة العلم، لا الإرادة.
  فإن قيل: لِمَ لا تجوز مضاددتهما للإرادة كما تضادان العلم.
  قيل: لأن الإرادة تخالف العلم، والشيء(١) الواحد لا ينفي مختلفين غير ضدين.
  الثاني: أن الاستدلال بهذه الطريقة إنما يجب إذا لم يجز خلو الذات عن الضدين جميعاً، وفي مسألتنا هو يصح الخلو عنهما، فإن القديم تعالى غير غافل ولا ساهٍ عن ذاته، ولا يجب أن يكون مريداً لها، وكذلك يقال في الماضي والباقي يقال في غيره تعالى من الأحياء كذلك؛ ألا ترى أن المسلمين غير ساهين عن مضي اليهود إلى كنائسهم، وهم غير مريدين لمضيهم إليها.
تنبيه [في بيان مذهب الأئمة $ في أن الإرادة نفس المراد وإبطال ما عداه]
  قد مرَّ أن مذهب قدماء الأئمة $ أن إرادة الله تعالى إنما هي أفعاله، وأوامره، وكراهته إنما هي نهيه وزجره، وقد عرفت ما استند إليه المختلفون في هذا الموضع، فأما القائلون بأنه تعالى مريد لذاته أو بإرادة قديمة، فقد أوضحنا بطلان ما ذهبوا إليه في هذا الموضع مما لا مزيد عليه.
(١) وهو السهو الغفلة لأنهما بمعنى واحد. تمت مؤلف.