مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها فأما الذين آمنوا فيعلمون أنه الحق من ربهم وأما الذين كفروا فيقولون ماذا أراد الله بهذا مث

صفحة 2468 - الجزء 4

  والامتنان، وكانت إرادة التناول لا حاجة إليها في ذلك ولا معنى لها. فتكون عبثاً، ثم إن وقوع التناول فعل غير المحسِن، فهو أجنبي عن الإحسان بالمباح، فلا فرق حينئذٍ بين إرادته وإرادة طلوع الشمس؛ وأيضاً، لو أراد ذلك لوجب أن يعلمنا به ليتم الغرض به.

  فإن قيل: إذا كان الله تعالى خلق الأشياء لينتفع بها الأحياء فقد أراد الانتفاع بها، وهو مباح، وذلك كافٍ في الإعلام.

  قيل: إنه تعالى إنما أراد خلقها على وجه يصح أن ينتفع بها، وإرادة الانتفاع غير تلك الإرادة.

  احتجت المجبرة بأنه لا فاعل سواه عندهم جل وعلا، وإذا كان هو الفاعل لكل واقع وجب أن يريد فعله، فلزم أن يكون مريداً لكل واقع. من مباح، وطاعة، ومعصية.

  والجواب: أن هذه الحجة مبنية على الجبر، وقد مرَّ إبطاله في سواء مواضع؛ ثم إنا نقول: قد مرَّ قريباً بيان الحجة على عدم إرادة المباح.

  وأما الطاعات فلا إشكال في أنها مرادة لله تعالى؛ لما مرَّ من الدليل القاطع على ذلك.

  وأما المعاصي فلا نسلم كونها مرادة لله تعالى، ولا يصح منه سبحانه أن يريدها ولا يشاء [ها]، بل المعلوم أنه يكرهها ويسخطها، ولنا علي ذلك حجج:

  الحجة الأولى: إن إرادة القبيح قبيحة، والله تعالى لا يفعل القبيح؛ أما أن إرادة القبيح قبيحة فلما نعلمه ضرورة من حسن ذم من علم