المسألة الرابعة [في مسألة الإرادة]
  على أنه شاك غير قاطع بوقوع ما حلف عليه، كما يقتضيه العرف. فلا يحنث.
  والثاني: أنه وإن أريد به حقيقة الشرط فإن غرض قائله أفعل إن وفقني الله تعالى لذلك وسهل السبيل إليه، فإذا لم يحصل دلَّ على أنه لم يوفق لذلك؛ لأنه لم يكن له في المعلوم لطف يختار عنده الملطوف فيه لا محالة، ولهذا لم يحنث، وهذا اختيار أبي عبد الله البصري.
  قيل: الأول أصح لظهوره عرفاً، ولأن قول أبي عبد الله لا يثبت إلا في الواجبات والمندوبات دون المباحات، لعدم اللطف فيها؛ إذ لا تتعلق بها مشيئة الله تعالى، والقسم المعلق بالمشيئة قد يدخل المباحات(١)، لكنه يرد على أبي علي سؤال، وهو أنه لو قصد به حقيقة الشرط فإما أن يقول إنه يحنث، وفيه خرق للإجماع أو لا، فلا وجه له مع انتفاء العرف الذي لأجله منع الحنث، وجوابه أن دعوى الإجماع غير صحيحة، فإن عامة الزيدية على خلافه، ولذا قالوا فيمن قال لامرأته: أنت طالق إن شاء الله: إنه ينظر فإن كان ممسكاً لها بالمعروف لم يقع الطلاق؛ لأن الطلاق يكون حينئذٍ مباحاً والله لا يريد المباح، وإلا وقع؛ لأن الطلاق حينئذٍ يكون مراداً لله تعالى؛ لما في الإمساك من الضرار، وهكذا قالوا في العتق المعلق بالمشيئة: فإن كان العبد صالحاً عتق؛ لأن عتقه يكون مراداً لله تعالى لما فيه من القربة وإلا فلا؛ لأنه يكون مباحاً.
(١) كأن يقسم ليدخلنُّ الدار غداً إن شاء الله. تمت مؤلف.