مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة الرابعة [في مسألة الإرادة]

صفحة 2486 - الجزء 4

  الثاني: أن دلالة الإجماع سمعية لاستناده إلى الكتاب والسنة، ولا يصح لكم الاستدلال بالسمع حتى تثبتوا عدل الله. وأنه لا يريد القبيح. الثالث: أنه أحادي والمسألة قطعية.

  الرابع: أن المراد من الإجماع غير معلوم ضرورة، فلا بد من تأويله بمتشابهات الكتاب والسنة، ولستم بأولى منا بالتأويل، فنتأوله على ما يوافق دلالة العقل والسمع، وهما قد دلا على أن الله تعالى لا يريد القبائح، وأنه لا يجب وقوعه مما يشاءه إلا فعل نفسه كما مرَّ، فيجب تأويل هذا الكلام على الوجه الذي يمكن حمله عليه، وهو أن ما يشاؤه من فعل نفسه كان وما لم يشأه لم يكن.

  فإن قيل: لِمَ أخرجتم الطاعات من هذه المشيئة وأنتم تقولون: إنه يشاؤها؟

  قيل: إنما أخرجناها؛ لأن الكلام يقتضي أنه لابُدَّ من كون ما شاءه ولم نجد ما يجب كونه عند المشيئة لا محالة إلا أفعال نفسه، وأما الطاعات فحصولها متوقف على اختيار المطيع كما مرَّ.

  فإن قيل: الظاهر من هذا التركيب العموم، وأنه لا يقع إلا ما يشاء، ولا مخصص لبعض ما يدخل تحت المشيئة دون بعض، فإن قلتم: المخصص العقل، قلنا: التخصيص به ممنوع، أو غيره فدلوا عليه بدليل لا يحتمل التأويل.

  قيل: المخصص العقل والسمع، وقد مرَّ الدليل على جواز التخصيص بالعقل في الثالثة من مسائل قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ٢٠}⁣[البقرة].