مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة الرابعة [في مسألة الإرادة]

صفحة 2492 - الجزء 4

الموضع السادس في الرضا والسخط والولاية والمحبة

  ذهب أكثر الأصحاب إلى أن الولاية والمحبة والرضا بمعنى إرادة نفع الغير وكراهة مضرته، والسخط كراهة نفعه وإرادة مضرته، وقد ذكرنا حجتهم على ذلك في قوله تعالى: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ}⁣[الفاتحة: ٧] وإذا كانت بمعنى الإرادة والكراهة فهي حادثة، فلا يصح القول بأن الله تعالى ساخط فيما لم يزل خلافًا لسليمان بن جرير، وقد مرَّ الكلام عليه في الرابعة من مسائل قوله تعالى: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ}⁣[الفاتحة: ٧].

  وقالت النجارية⁣(⁣١): ليست معاني هذه الألفاظ متفقة في المعنى، واختاره السيد محمد بن إبراهيم.

  وقال الرازي: الرضا ترك الاعتراض، والمحبة ليست مجرد الإرادة، فيجوز أن يريد الشيء ولا يحبه. وفرق بينهما بأن المحبة التي لا تبعة فيها فهي أخص، ولا يلزم من نفي الأخص نفي الأعم.

  قال الإمام المهدي: ولعله أراد بها الشهوة، ولهذا قال: لا يشتهيه؛ ويجوز التمدح بنفي الشهوة عنه تعالى وإن كانت مستحيلة عليه سبحانه كما في قوله تعالى: {مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلَا وَلَدًا ٣}⁣[الجن] واحتج هؤلاء على الفرق بين هذه الألفاظ بوجهين:

  أحدهما: ما نقل عن أهل اللغة من الفرق، ومنه قول ابن دريد:

  رضيت قسراً وعلى القسر رضا ... من كان ذا سخط علي صرف القضا


(١) وقالوا: إن الله يريد القبائح ولا يحبها ولا يرضاها. تمت مؤلف.