مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها فأما الذين آمنوا فيعلمون أنه الحق من ربهم وأما الذين كفروا فيقولون ماذا أراد الله بهذا مث

صفحة 2515 - الجزء 4

  في الرابعة من مسائل قوله تعالى: {خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ}⁣[البقرة: ٧] وغيرها؛ وفي هذا رد على الشرفي حيث قال: لا يجوز منًا إطلاق ما أطلق في الكتاب والسنة.

  الوجه الثالث: أن إيهام الخطأ غير مسلم؛ لأنه لا معنى له إلا كون السامع يسبق فهمه إلى الخطأ، ونحن لا نسلمه؛ لأن السامع إما أن يكون عارفاً للمعاني التي يحتملها اللفظ أو لا، إن كان عارفاً صار اللفظ مجملاً في حقه، فيتردد فهمه، فلا نقطع بمعنى مخصوص نحمله عليه، ولا نرتكب خطأ، وحينئذٍ لا وجه لقبح النطق، وإن لم يكن عارفاً فالمسألة قطعية لا يجوز للسامع أن يقلد المتكلم في إطلاق اللفظ، بل يجب عليه أن ينظر، فإن وجده صحيحاً وإلا رد كلامه وحكم بكذبه، فمن أين يدخل الخطأ على السامع حتى يحكم بقبح هذا الإطلاق؟!.

  فإن قيل: لم يحكم بقبحه لأجل خلل يرجع إلى السامع، بل لأجل خلل يرجع إلى الناطق به؛ لأنه يوهم أنه⁣(⁣١) يعتقد المعنى الفاسد، ودفع التهمة عن النفس واجب.

  قيل: إنما تلحق التهمة إذا لم يكن للَّفظ معنى صحيح يمكن حمل الناطق به على إرادته، فأما إذا كان له ذلك فالواجب حمله على إرادة المعنى الصحيح؛ لوجوب الحمل على السلامة مهما أمكن.

  فإن قيل: اللفظة المشتركة إذا أطلقت وجب حملها على جميع


(١) في الأصل (أن) ولعل الصواب ما أثْبِتْ.