تفسير قوله تعالى: {إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها فأما الذين آمنوا فيعلمون أنه الحق من ربهم وأما الذين كفروا فيقولون ماذا أراد الله بهذا مث
  بذلك ولا تجري عليه تلك الأحكام، كما رواه في (الغياصة) عن بعضهم، أو مع إجرائها كما هو قول أكثرهم؛ الأول باطل؛ لأن هذا الاسم لا يجري في الشريعة إلا على من تجري عليه تلك الأحكام، مع أن القول بهذا يسير؛ لأنه يعود إلى الخلاف في العبارة، أو إلى ما ذهب إليه بعض الأئمة من تسميته كافر نعمة، والثاني أيضاً باطل؛ لمخالفته ما كان عليه الصحابة قبل الفتنة وبعدها، أما قبلها فالمعلوم من حالهم في وقت المشائخ أنهم لم يكونوا يسمون من شرب الخمر كافراً، والزاني والسارق، بل يجرون عليهم الحدود، ثم يعاملونهم معاملة المسلمين في أنهم لا يمنعونهم من المساجد، ولا يحرمون مناكحتهم، وغير ذلك، وهذه الأحكام تابعة للتسمية، وكانوا لا يسمونهم مرتدين؛ وأما بعد الفتنة فالمعلوم من سيرة أمير المؤمنين # في أهل البغي أنه لم يبدأ بقتالهم، ولم يتبع مدبرهم، ولم يسمهم كفرة.
  قال السيد مانكديم في (شرح الأصول): ولهذا لما سئل $ عنهم أكفار هم؟ فقال: (من الكفر فروا)، فقال: أمسلمون هم؟ قال: (لو كانوا مسلمين ما قاتلناهم؛ كانوا إخواننا بالأمس فبغوا علينا) فلم يسمهم كفارًا ولا مسلمين، بل أثبت لهم منزلة بين المنزليتن، وأجري عليهم الاسم الذي يليق بهم، وهو البغي.
  قال الإمام المهدي: المعلوم ضرورة أنه لم يكَفّر علي # لك طلحة والزبير حين خرجا عليه، وقد فسقا بالخروج عليه؛ لأن الخروج على الإمام بغي، والبغي فسق إجماعاً، وكانت الصحابة حينئذٍ مجمعة على ذلك؛ لأن الخوارج إنما حدث خلافهم عند التحكيم، وكان متأخراً