مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها فأما الذين آمنوا فيعلمون أنه الحق من ربهم وأما الذين كفروا فيقولون ماذا أراد الله بهذا مث

صفحة 2527 - الجزء 4

  عن يوم الجمل، فلو كان كل معصية كفراً لأنكر الصحابة على علي # كونه لم يسمهم كفارًا، وكونه لم يجر عليهم أحكام الكفار في القتل والسبي، بل طلبوا منه أن يقسم الغنائم بينهم، فقال: (أيكم تأتي عائشة في سهمه؟!) فاعترفوا بالخطأ فيما توهموه من أن حكمهم حكم الكفار، وقالوا: أصبت وأخطأنا، فصار إجماعاً عنهم. على أنه لا يجوز الحكم بكفرهم ولا تسميتهم كفاراً.

  قلت: مقتضى كلام الإمام # أن الحجة موافقة الصحابة لعلي # لا مجرد قوله وما فعله؛ وليس كذلك فإن الحجة عندنا وعند قدماء أئمة العترة $ ومن تبعهم من خلفهم وشيعتهم هي قول الوصي وفعله، والأدلة في ذلك معلومة.

  قال السيد مانكديم بعد أن روى عنه ما مرَّ: وقوله # حجة.

  الوجه الثالث من الوجوه التي أبطل بها القول بتسمية الفاسق كافراً بحسب المعنى الاصطلاحي: أن الكبيرة لو كانت كفراً لم يشرع اللعان بين الزوجين؛ وذلك أن أحدهما قد فسق قطعاً، إما المرأة بالزنا، أو الزوج بالقذف، فلو كان الفسق كفراً لم يحتج في الفرقة بينهما إلى لعان؛ إذ اختلاف الملتين توجب الفرقة إجماعاً؛ لقوله تعالى: {لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ}⁣[الممتحنة: ١٠] ونحوها، فثبت بما ذكرنا أن صاحب الكبيرة لا يجوز أن يسمى كافراً، ولا أن تجرى عليه أحكام الكفر. وكما أنه لا يسمي كافرًا فكذلك لا يسمي مشركاً كما تقول الأباضية؛ لأن الكافر والمشرك واحد، وقد ثبت أنه لا يسمى كافراً.