تفسير قوله تعالى: {إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها فأما الذين آمنوا فيعلمون أنه الحق من ربهم وأما الذين كفروا فيقولون ماذا أراد الله بهذا مث
  فكذلك ما هو في معناه، والدليل على أن الشرك في معنى الكفر أنا نصف المجوسي، واليهودي، والنصراني بأنه مشرك، فدلَّ على أنه منقول عن معناه الأصلي؛ لأنه في الأصل اسم لمن شارك غيره، أو ضم شيئاً إلى شيء، وأيضاً جاء القرآن بذلك قال تعالى: {ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ ١}[الأنعام] أي يشركون، قال الموفق بالله: بإجماع المفسرين. وقال تعالى: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ}[التوبة: ٥] قال الموفق بالله: ولا خلاف أن المراد به أهل الكتاب، وقال تعالى حاكياً عن اليهود والنصارى: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ}[التوبة: ٣٠].
  هذا، وأما ما ذهب إليه الحسن من أنه يسمى منافقاً فقد مرَّ الكلام عليه في الأولى من مسائل قوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ}[البقرة: ٨].
  واعلم أن للمرجئة والخوارج شبهاً يتمسكون بها، فأما المرجئة فقد مرَّ في سياق قوله تعالى: {يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ}[البقرة: ٣] اختلاف أهلون الإسلام في حقيقة الإيمان، وأنه ذهب كثير من الفرق إلى أنه اسم لبعض الأركان التي ذكرها أئمة العترة. وجمهور المعتزلة في بيان معناه الشرعي، وإذا كان مقصوراً على بعض تلك الأركان، وكان الفاسق آتياً بذلك البعض - وجب أن يسمى مؤمناً؛ لحصول حقيقة الإيمان فيه بزعمهم. وهذا إحدى الشبه التي يتمسكون بها.
  والجواب: يؤخذ من هنالك، ففيه مقنع لمن أراد تحقيق مذهب أئمة العدل في ماهية الإيمان، وإبطال ما عداه.