مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة التاسعة [في الفسق والفساق]

صفحة 2533 - الجزء 4

  وفي الرواية عنهم نظر، ورواه في (الأساس) عن ابن عباس، وفي (البدر الساري) عن المرتضى، وفي (شرح الأصول) عن جماعة من الخوارج. وقال الأكثر من العدلية والجبرية: لا يجوز تسميته كافر نعمة. وقال الإمام المهدي: الأقرب أن تسميته بذلك لا تجوز، وإن قيد⁣(⁣١) إلا عند جحده لبعض نعم الله تعالى؛ لأنه يكون كذباً.

  احتج الأولون بحجج:

  أحدها: أنه قد ثبت أن الطاعات⁣(⁣٢) شكر لله تعالى على نعمه، كما مرَّ في الرابعة من مسائل قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ}⁣[البقرة: ٢١] فمن تركها أو بعضها فقد أخلَّ بالشكر الذي هو وجه وجوبها، والمخل بالشكر يوصف بأنه قد كفر النعمة التي أنعم عليه بها؛ لأن الإخلال بالشكر هو الكفر في عرف اللغة، ولا شكَّ أن مرتكب الكبيرة بترك واجب أو فعل محظور مخل بالشكر.

  الحجة الثانية: ما ذكره الهادي #، وهو أن أصل كل كفر وشرك من عبادة الأصنام وغيرها هو المعصية؛ لأن الله تعالى لما نهاهم أن يعبدوا معه غيره فتعدوا وعبدوا معه غيره كانوا له عاصين، وصاروا بمخالفة أمره ونهيه كافرين، وكذلك اليهود والنصارى لم نجد أصل كفرهم إلا معصية الله تعالى في محمد ÷ حيث لم يمتثلوا ما أمر الله بهمن تصديقه واتباعه، فكذلك من ينتحل الإسلام وهو مقيم على كبائر المعاصي، فإنه يجب أن يكون حاله حال من ذكرنا


(١) بكونه كافر نعمة. تمت مؤلف.

(٢) والمراد بالطاعة الانقياد للمنعم بفعل ما أمر به وترك ما نهى عنه. تمت مؤلف.