مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها فأما الذين آمنوا فيعلمون أنه الحق من ربهم وأما الذين كفروا فيقولون ماذا أراد الله بهذا مث

صفحة 2534 - الجزء 4

  من العاصين⁣(⁣١)؛ لأنه وإن أقر بمحمد ÷ بلسانه فهو جاحد بفعله، معرض عن الله بقلبه.

  الحجة الثالثة: أنه قد ثبت النص في كتاب الله بتسمية مرتكب بعض الكبائر كافرًا فليطلق علي مرتكب غيرها من الكبائر لعدم الفارق، فمن ذلك آية الحج، ومنه قوله تعالى: {إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا ٢٧}⁣[الإسراء]، ومنه قوله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ٤٤}⁣[المائدة]، وقد روي أن هذه الآية وقوله: {فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ٤٥}⁣[المائدة] {فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ٤٧}⁣[المائدة] نزلت في هذه الأمة، كما سيأتي في موضعه.

  وقال الناصر: (الكافرون) في المسلمين، و (الظالمون) في اليهود، و (الفاسقون) في النصارى، رواه عن الشعبي، وهي نص في أن من عصى الله بالحكم بغير ما أنزل الله فهو كافر. وقد استدل بها الهادي على كفر كل من عصى الله؛ لأن العاصي لم يحكم بما أنزل الله، ولفظه: ومن ترك فرائض الله وسعى في ضدها من حرام الله فليس من المهتدين، ومن كان كذلك فهو لله من العاصين، ومن عصى الله، وفسق في دينه، وخالف أمره في نفسه أو غيره فلا يحكم في فعله بحكم الله، ومن لم يحكم بما أنزل الله فهو من الكافرين. وذكر الآية⁣(⁣٢)، ثم قال: فأخبر الله سبحانه بالدلالة على الكافرين، ووصفهم بالعدول عن شرائع الدين، ومن عدل عن شرائع الدين،


(١) يعني في تسميته كافراً. تمت مؤلف.

(٢) يعني قوله: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ ...} الآية. تمت مؤلف.