مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها فأما الذين آمنوا فيعلمون أنه الحق من ربهم وأما الذين كفروا فيقولون ماذا أراد الله بهذا مث

صفحة 2541 - الجزء 4

  قال الناصر #: وفي هذا ما يكثر⁣(⁣١).

  الحجة الخامسة: إجماع قدماء آل محمد $ كما تفيده رواية الجامع الكافي عن القاسم، ورواية الحاكم عن الزيدية؛ إذ لا يمكن حمل روايته على إطلاقها؛ لظهور خلاف بعض المتأخرين كالموفق بالله، والسيد مانكديم، وغيرهما.

  احتج الأكثر بأن كفر النعمة هو جحدها وعدم اعتقادها، والفاسق غير جاحد، بل هو معترف بنعمة الله عليه قولاً واعتقادًا. وحاصل هذه الحجة أنا لا نسلم أن الطاعات شكر، وإنما الشكر هو الاعتراف بالنعمة مع التعظيم بقلبه أو بجارحته، والفسق لا ينافيه، فيصح تسميته فاسقاً شاكراً، ولا يسمى كافراً إلا إذا جحد النعمة ولم يعظم فاعلها.

  قال السيد مانكديم ما معناه: إنه لا يصح تسميته كافراً لنعمة الله إلا إذا جحدها، والفاسق غير جاحد، فكيف يطلق هذا الاسم، فإن جحدها فلا شك في كفره. ومبنى الاحتجاج على أن الطاعات غير شكر، وإنما الشكر الاعتراف، كما مرَّ في الرابعة من مسائل قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ}⁣[البقرة: ٢١].

  فإن قيل: قد مرَّ في تلك المسألةَ عن بعض من لم يجعل الطاعات شكراً. القول بأنها جارية مجرى الشكر، وقرروا ذلك بما يفيد الاعتراف بكونها شكراً، وحينئذٍ لا يصح قولهم هنا: لا نسلم كون الطاعات شكراً.


(١) البساط من ص ٩٤ - ١٠٤.