مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها فأما الذين آمنوا فيعلمون أنه الحق من ربهم وأما الذين كفروا فيقولون ماذا أراد الله بهذا مث

صفحة 2557 - الجزء 4

  اللفظ محتمل للفعل والشأن، وعلى أيهما حمل فمجاز، لما مرَّ من تبادر القول دون غيره، أو نحمله على الحقيقة على تقدير الشأن عند القائل به، وعلى المجاز إن أريد الفعل لقيام المانع من الحقيقة.

  احتجوا بأنه قد خولف بين جمع الأمر بمعنى القول، فقالوا في جمعه: أوامر، وبين جمعه بمعنى الفعل فقالوا: أمور، فدلَّ على أنه حقيقة فيهما، والجمع أحد أدلة الحقيقة.

  وأجيب بأنا لا نسلم أن أوامر جمع أمر بمعنى القول، بل القياس في جمعه: أمور؛ لكنهم خالفوا القياس للفرق بينه وبين الشأن ونحوه فإنه يجمع على (أمور)، والأصل أن (أوامر) جمع آمِرَةِ بصيغة اسم الفاعل، فاستعير هذا الجمع للأمر بمعنى الصيغة؛ لأنها أشبه باسم الفاعل؛ لأنها باعثة على الفعل فكأنها آمرة، ولهذا خصوا ما كان بمعناها بمخالفة القياس، وقد قيل: إن (أمور) ليس بجمع؛ لأنه يقع موقع المفرد فيقال: أمر فلان مستقيم، فيفهم منه ما يفهم من قوله: أموره مستقيمة.

  قال في حواشي (الجوهرة): على أن اختلاف الجمع ليس بأن يدل على أنه حقيقة فيها بأولى من أن يدل على أنه حقيقة في أحدهما مجاز في الآخر، ولا نسلم أن الجمع أحد أدلة الحقيقة، وكيف يقال: إن لفظ الأمر يستعمل حقيقة في الفعل مع أن أبا الحسين منع من استعماله فيه حقيقة ومجازاً.