المسألة الثالثة عشرة [حد الأمر المخصص]
  وهو ينتقض عليه بالتهديد والسؤال، فإن كل واحد منهما بصيغة افعل، وينتقض أيضاً بالرتبة، فإن الأمر قد يكون ممن لا رتبة له؛ إذ الرتبة عبارة عن المزية، لا عن القهر، وما صدر عن من لا رتبة له قد يكون أمراً، ولهذا ينسبون من أمر من هو أعلى منه رتبة إلى الحمق والجهل. ويدل على أن ما صدر عن الأدنى قد يكون أمراً: قول عمرو بن العاص:
  أمرتك أمراً جازماً فعصيتني ... وكان من التوفيق قتل ابن هاشم
  وقول حباب بن المنذر ليزيد بن المهلب:
  أمرتك أمراً جازماً فعصيتني ... فأصبحت مسلوب الإمارة نادماً
  وكلاهما(١) دون المأمور. وكأن صاحب هذا الحد يعتبر العلو، وهذا يبطله، ثم إنه غير جامع لخروج أمر الغائب.
  وقيل: وهو قول القائل: افعل، على جهة الاستعلاء(٢). ولم يذكر الإرادة؛ لأنها شرط في كون الأمر أمراً، ولا يلزم ذكر الشروط في الحد، وإنما يذكر الخواص.
  وقال قاضي القضاة: لا بد من ذكرها؛ لأنها من الخواص، ومؤثرة.
(١) أي عمرو بن العاص وحباب بن المنذر، وهما دون معاوية ودون يزيد بن المهلب؛ لأن الخطاب في البيت الأول لمعاوية، والله أعلم. تمت.
(٢) نسب هذا الجدل إلى القاضي شمس الدين. تمت مؤلف.