مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها فأما الذين آمنوا فيعلمون أنه الحق من ربهم وأما الذين كفروا فيقولون ماذا أراد الله بهذا مث

صفحة 2561 - الجزء 4

  نعم، لو قال هو افعل أو ليفعل، أو ما يقوم مقامهما إلى آخر الحد، كما فعله بعضهم لسلم من الاعتراض؛ لكن مع الجواب المذكور لا يرد الاعتراض.

  وقال أبو الحسين: لا بد في الأمر من خواص ثلاث: الصيغة، والاستعلاء، والإرادة. قالوا: وإذا ثبت ذلك حددناه بأنه قول تفصيلي يستدعي الفعل بنفسه لا على جهة التذلل، فقوله: تفصيلي أي مخصوص؛ ليخرج النهي ونحوه.

  وقوله: ونحوه؛ ليخرج الخبر بوجوب الفعل؛ لأن استدعاءه الفعل بواسطة التصريح بالإيجاب، وكذلك قوله: أريد منك فعل كذا، فإن استدعاءه بواسطة الإخبار عن الإرادة.

  قال الدواري: الأجود في حد الأمر أن يقال: صيغة إنشائية يطلب بها الفعل من الغير، على جهة الاستعلاء. وإنما قال: إنه الأجود لشموله جميع صيغ الأمر، وجميع المأمورين، ولما فيه من الاحتراز عن الإخبار بالوجوب والإرادة. ثم قال:

  واعلم: أن هذه الحقائق إنما تصح على قول من يرجع بالأمر إلى نفس الصيغة مع الإرادة، فيجعل نفس القول هو الأمر؛ وهو في التحقيق بخلاف ذلك، فإن الأمر شيء معنوي، لا لفظي، وكذلك سائر ضروب الكلام والإنشاء، من الاستفهام وغيره، وأدلُّ دليل على ذلك حسن إضافة الصيغة إلى هذا الجنس من الكلام⁣(⁣١).


(١) فيقال: صيغة أمر، صيغة استفهام، ونحو ذلك. تمت مؤلف.