تفسير قوله تعالى: {إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها فأما الذين آمنوا فيعلمون أنه الحق من ربهم وأما الذين كفروا فيقولون ماذا أراد الله بهذا مث
  ما تناولته إلا بعد مصيرها أمراً، والفرض أنها لا تصير أمراً إلا بإرادة ما تناولته، وهذا دور؛ وبيانه لا يريد ما تناولته الصيغة إلا وهي طلب في تلك الحال، وهي لا تصير طلباً إلا بإرادة ما تناولته، فيقف كل منهما على الآخر.
  فإن قيل: إذا وجدت الصيغة حال إرادة المأمور به صارت أمراً، ولا يلزم محال؛ لأنه دور معية.
  قيل: إن أريد بالصيغة الطلب فقد صارت أمراً، وإن لم يرد بها الطلب فهي وسائر ألفاظ الخبر والإنشاء مع تلك الإرادة على سواء؛ إذ لا اختصاص فيلزم لو أراد صيغة الخبر عند إرادته لفعل يصدر من غيره أن يكون أمراً؛ إذ لا مؤثر في مصير صيغة الطلب أمراً إلا مقارنة إرادة المأمور به، فيلزم مثله في كل لفظ قارنها. لا يقال: إنما يصير أمراً ما قارن الإرادة من الصيغة المخصوصة فقط؛ لأنا نقول: تلك الصيغة إن وضعت لتفيد الطلب فقد وضعت أمراً من قبل الإرادة، فلا حاجة إليها في مصيرها أمراً، وإن وضعت لذلك بشرط مقارنة الإرادة لزم أن لا يكون طلباً حتى تتعلق الإرادة بمطلوبها، ولا مطلوب لها قبل تعلق الإرادة؛ إذ لا يصير طلباً لمطلوب إلا بها، فيلزم الدور، وإن وضعت لا لتفيد الطلب فلما قارنت إفادته لزم في الخبر، وذلك باطل. فبطل ما احتج به الأولون.
  قال الإمام المهدي: ومما يلزم أبا الحسين أنه لو كان أمراً لأجل الإرادة لزم أن لا يستدل بالأمر على الإرادة؛ لأنا لا نعلمه أمراً حتى نعلمها،