المسألة الرابعة [شبهة الاحتجاج بالآية على نفي عذاب القبر]
  قلت: أما الإمام الهادي فقد روى عنه ولده المرتضى ما يدلَّ على ثبوت النعيم والعذاب، لكن للأرواح، وظاهره أنه لا يكون ذلك لها في القبر بل في غيره، وأن ذلك من قبيل الروح والراحة، والتنغيص بالذم والتبكيت فقط، وقد استوفى كلامه في (البدر الساري) وفيه عن الناصر إثبات سؤال الملكين، لكن لا يسميان نكيراً ومنكراً.
  واعلم أن أكثر ما يذكر في هذا الموضع الخلاف في عذاب القبر. وقليل من يذكر النعيم، وقد ذكره صاحب (الغياصة) فإنه قال: الذي عليه أكثر أهل العدل القول بحياة القبر وعذابه، وأنه روضة من رياض الجنة، أو حفرة من حفر النار. وقال في (البدر الساري): إنما ترك ذكره الجمهور بناء على أن النصوص في العذاب أكثر، وأن الأكثر من الثقلين عصاة، فكان أجدر بالذكر. وكذلك لا يختص العذاب والنعيم بالقبر، بل المقصود حصوله قبل يوم القيامة، ذكره القرشي، وقال: سواء كان في القبر أو لم يكن، فإن كثيراً من الناس لا يقبر بأن يصلب، أو يحرق، أو تأكله السباع ونحو ذلك، ولكن عبر عنه بعذاب القبر؛ لأنه الغالب.
  وإذا عرفت الخلاف في هذه المواضع فاستمع لما يتلى من الحجج فنقول: احتج من أثبته بوجوه:
  أحدها: أن العقلاء لا تمنع أن يعيد الله الحياة في جزء من الجسد أو في جميعه - على الخلاف - فيثيبه أو يعذبه، وإذا لم يمنع منه العقل وورد به الشرع وجب قبوله واعتقاده.