مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم ثم إليه ترجعون 28}

صفحة 2581 - الجزء 4

  الثاني: أن الكتاب العزيز قد دلَّ على ثبوته في آيات، وسيأتي الكلام عليها في مواضعها، ومنها هذه الآية التي نحن بصددها، ووجه الاستدلال بها أن قوله: {ثُمَّ يُحْيِيكُمْ} ليس هو الحياة الدائمة الواقعة عقيب البعث؛ لأنه عطف رجوعهم إليه تعالى بثم التي تقتضي التراخي والرجوع إليه سبحانه تكون عقيب الحياة التي للبعث؛ فدلَّ على أن الحياة المذكورة تكون عقيب الإماتة قبل البعث، ولا بد لها من فائدة وإلا لكانت عبثاً، والفائدة هي الإثابة أو التعذيب. مع سؤال الملكين؛ إذ لا دليل على فائدة غير هذا.

  الوجه الثالث: أنه قد صح عن النبي ÷ بذلك أخبار كثيرة بل قيل: إنها متواترة، فمن ذلك ما رواه المرشد بالله قال: أخبرنا أبو طاهر بن عبد الرحيم، أنا ابن حبان، ثنا علي بن إسحاق، ثنا محمد بن زنبور، ثنا عبد العزيز ابن أبي حازم، عن سهل، عن حبيب بن حسان، عن مجاهد، عن ابن عباس قال: دخلت مع النبي ÷ في بعض حوائط الغابة، فإذا بقبرين، فقال رسول الله ÷: «سبحان الله سبحان الله، إن صاحبي هذين القبرين يعذبان في غير كبير، أما أحدهما فكان يمشي بالنميمة، وأما الآخر فكان لا يستنزه من البول» ثم أخذ جريدة رطبة فكسرها نصفين فجعل عند رأس كل واحد منهما نصف، وقال: «لعله يرفه عنهما ما دامتا رطبة».

  أما محمد بن زنبور واسمه جعفر بن أبي الأزهر مولى بني هاشم، أبو صالح المكي فوثقه النسائي، وابن حبان، وأبو أحمد الحاكم،