تفسير قوله تعالى: {كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم ثم إليه ترجعون 28}
  قالوا: وحفرنا عن فلان فخرجت لنا حية عظيمة من قبره ورأيناها مطوقة به، فأردنا دفعها عنه فتنفثت علينا حتى كدنا نهلك عن آخرنا. فنعوذ بالله من عذاب القبر الناشئ عن غضب الله ومعصيته.
  قلت: وابن حجر هذا كان من مشاهير علماء الشافعية في القرن العاشر، وله مؤلفات كثيرة في الفقه وغيره معتمدة عند علماء الإسلام، وكان له همة عظيمة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر للزجر عن معاصي الله، وكتابه (الزواجر) شاهد بذلك، وكان من محبي أهل البيت $ ومن المعترفين بفضلهم وعلو مرتبتهم، وقد نقل عنه في كتاب (رشفة الصادي) ابن بحر في فضائل بني الهادي شيئاً كثيراً مما يدلُّ على ذلك.
  واحتج المنكرون لعذاب القبر بالعقل والسمع:
  أما العقل فقالوا: لو كان له أصل لكان له فائدة، وإلا كان عبثاً ولا فائدة فيه.
  والجواب: أن فائدته معلومة، وهي أن المكلف متى علم أنه إذا أقدم على المعصية عذب في القبر، ثم في النار - كان صارفاً له عن فعل القبيح، وداعياً له إلى فعل الواجب.
  قالوا: لو كان ثابتاً لرأى النباش أثره، ولكان يجب في المصلوب والميت أن يسمع أنينه، وأن يشاهد اضطرابه كل أحد، والمعلوم خلافه.
  قلنا: يجوز أن يخفى عذابه عن النباش والمستمع لمصلحة، وأن لا يعذبه