مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم ثم إليه ترجعون 28}

صفحة 2611 - الجزء 4

  في تلك الحال؛ على أنَّا لا نسلم أن عذابه لم يره أحد ولم يسمعه، فإنه قد يري ويسمع كما مرَّ في الحكايات.

  قوله: يجب أن يشاهده ويسمعه كل أحد.

  قلنا: لا نسلم وجوب ذلك؛ لجواز أن تكون المصلحة لقوم في سماعه ومشاهدته، ولا يكون للآخرين في ذلك مصلحة، فيشاهدونه عظاماً نخرة وهو في حال العذاب ولا يعلمونه.

  قالوا: لو جاز فيما نشاهده من الموتى أن يكونوا معذبين لجاز فيما نشاهد من الجمادات أن يكونوا أحياء فضلاء علماء، وذلك سفسطة، فإن قلتم: إنه معذب على غير الحال التي نشاهده عليها لزم في كل مشاهد أن يجوز كونه على غير ما نراه، فيؤدي إلى أن لا نثق بمشاهد.

  قلنا: لا يلزم ذلك؛ لأن الميت قد نزعت منه الحياة فيجوز أن يرد إليه المنزوع على الصفة التي هو عليها؛ لأن المحل محل حياة؛ بخلاف الجماد، فلم ينزع منه شيء، وبنيته ليست بمحل للحياة. وللإمام المهدي عن هذا جواب وهو: أنا لا نقول بأي الطرفين، بل يجوز أن الله أحيا الأجزاء التي لا يكون الحي حياً إلا بها وهي لطيفة جداً، فنعمها أو عذبها، وتجويز ذلك لا يقدح فيما علم ضرورة، فلا يلزم ما ذكرتم.

  فإن قيل: فيلزم تجويز كون الحجر الصم، بل في حبة الخردل حيوان منعم أو معذب لا يشاهد للطافته، وهذا معلوم البطلان.

  أجيب بأنا لا نجوز ذلك فيما نشاهده على تلك الحال، وإنما نجوز أنتلك الأجزاء المنزوعة صارت في جهة أخرى منفصلة عن الجسم.