مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة الرابعة [شبهة الاحتجاج بالآية على نفي عذاب القبر]

صفحة 2612 - الجزء 4

  المشاهد، وتجويزه على هذا الوجه لا يقدح في ضروري، ويؤيده ما روي أن أرواح الشهداء منفصلة عن أجسامهم إلى حواصل طير خضر.

  قلت: الحق أنه لا مانع من أن يكون معذباً على الحالة التي هو عليها، وإن لم نشاهد عذابه، كما في النائم الذي يتخيل ما يحزنه أو ما يفرحه، فيكون في غم ولا يشعر به من حوله.

  وأما ما احتجوا به من السمع فآيات، منها هذه الآية التي نحن بصددها، ووجه دلالتها أنه تعالى ذكر أنه يحييهم مرة في الدنيا ومرة في الآخرة، ولم يذكر حياة القبر، ويؤكده قوله تعالى: {ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ ١٥ ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ ١٦}⁣[المؤمنون].

  والجواب: ما مرَّ من أنه ليس المراد بقوله: {ثُمَّ يُحْيِيكُمْ} الحياة الدائمة؛ لقوله بعدها: {ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ٢٨}، سلمنا، فعدم ذكر حياة القبر هنا لا يدلُّ على عدمها كيف وقد قام الدليل القاطع عليها. وهكذا يجاب عما ورد من ذكر الحياة الدائمة بعد الموت، فإنه يقال: عدم الذكر لحياة القبر لا يدل على عدمها. والله أعلم.

الموضع الثاني في اختلاف من أثبته

  هل التعذيب لا يكون إلا بعد إحياء الميت أو يكون حال موته؟

  فقالت العدلية: إذا أراد الله تعذيبهم فلا بد أن يحييهم؛ إذ لا يتألم إلا حي يعلم ذلك ضرورة، وكذا يقال: إذا أراد أن يثيبهم، وخلافاً للصالحي من المعتزلة، وبعض الكرامية فيما رواه عنه وعنهم الرازي؛