مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم ثم إليه ترجعون 28}

صفحة 2650 - الجزء 4

  وقال #: (لم يحلل في الأشياء فيقال: هو فيها كائن، ولم ينأ عنها فيقال هو منها بائن).

  وقال #: (مع كل شيء لا بمقارنة، وغير كل شيء لا بمزايلة). روى ذلك كله في (النهج)، وهو والآيات المذكورة بمعنى قولنا: هو بكل مكان.

  فإن قيل: لا شكَّ أن جميع ما ذكرتم بمعنى هذا القول، لكن المعتبر في جواز الإطلاق إذن خاص. وهو هنا مفقود.

  قيل: لا نسلم اشتراط ذلك؛ إذ لم تمنعوا إلا لعدم اهتداء العقل إلى العلاقة، ومع ورود السمع بما هو في معنى ذلك فقد حصل اهتداء العقل إلى العلاقة بتعريف السمع، فإذا جاز إطلاق نحو قوله تعالى: {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ}⁣[الحديد: ٤] جاز إطلاق ما سواه في المعنى؛ إذ لا فارق؛ واشتراط الإذن الخاص يحتاج إلى دليل؛ سلمنا، فقد ثبت الإذن الخاص بقول علي #: (وإنه لبكل مكان)، وهو حجة امع ما يعضده من كلام أئمة الهدى وغيرهم من الموحدين.

  هذا، وأما معنى قولنا: إنه بكل مكان، فقال أحمد بن عيسى #: هو ø موجود بكل مكان بلا كيفية. ولم يزد على ذلك. وأما غيره فحاصل كلامهم يؤول إلى معني واحد، وهو أنه تعالى عالم بما في كل مكان، مدبر حافظ لما في كل مكان، فكأنه موجود في جميع الأمكنة الإحاطة علمه تعالى بالجميع.