المسألة الخامسة [شبهة استدلال المجسمة بهذه الآية على أن الله ø شأنه في كل مكان]
  قال الهادي #: معنى قولنا ذلك في ربنا أنا نريد أنه الشاهد لنا غير الغائب عنا، لا يغيب عن الأشياء، ولا يغيب عنه شيء قرب أو نأى، وهو الله الواحد الجليل الأعلى؛ لأن من غاب عن الأشياء كان في عزلة منها، والعزلة فموجدة للحد والتحديد، ومن غابت عنه المعلومات كان من أمرها في أجهل الجهالات، وكانت عنه عازبة غائبة، والله سبحانه لا تخفى عليه خافية، سراً كانت ولا علانية، فعلى ذلك يخرج قولنا: إن الله بكل مكان، نريد أنه العالم الشاهد لكل شأن. ذكره في كتاب المسترشد.
فائدة [في معنى قول علي # (ليس في الأشياء بوالج)]
  في معنى قول أمير المؤمنين #: (ليس في الأشياء بوالج، ولا عنها بخارج) فإن ظاهره التناقض؛ لأنه يقتضي أنه في كل مكان، وأنه ليس في كل مكان، وهذا تناقض، وكذلك الكلام الذي حكيناه عنه # بعد هذا، فإن ظاهره يوهم التناقض.
  واعلم أن كلام أمير المؤمنين # هو مذهب الموحدين، رواه عنهم ابن أبي الحديد، قال: والخلاف فيه مع الكرامية والمجسمة.
  قلت: وما ذكره من أن كلام الوصي # هو مذهب الموحدين فهو صحيح؛ لأنهم يقولون - كما يفهم من كلام الإمام أحمد بن سليمان، والشرفي - أن الباري تعالى لا داخل في العالم ولا خارج عنه، وإنما خالفت الكرامية والمجسمة؛ لأن هذا القول يقتضي نفيه؛