المسألة الخامسة [شبهة استدلال المجسمة بهذه الآية على أن الله ø شأنه في كل مكان]
  لأنه يكون حينئذٍ قد خلا من النقيضين؛ إذ لا تعقل ذات لا تكون داخلاً في العالم ولا خارجة عنه، وإنما ذلك النفي المحض.
  إذا عرفت هذا فاعلم أن علماء العدل والتوحيد قد أوضحوا المقصود من هذا المقال، وأزاحوا ما يوهمه ظاهره من الإشكال، فقال الإمام أحمد بن سليمان: نقول: إنه ليس بخارج من الأماكن كخروج الشيء من الشيء ولا بغائب منها، ولو كان كذلك لأدى ذلك إلى الانتقال والجهل - تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً.
  وقال السيد (أحمد بن محمد الشرفي): لا نسلم أن القول بذلك نفي له تعالى، وإنما هو نفي أن يكون من جنس العالم.
  وقال (ابن أبي الحديد): ينبغي أن يفهم من قوله #: (ولا عنها بخارج)، أنه لا يريد سلب الولوج فيكون قد خلا من النقيضين؛ لأن ذلك محال، بل المراد بكونه ليس خارجاً عنها أنه ليس كما يعتقده كثير من الناس أن الفلك الأعلى المحيط لا يحتوي عليه، ولكنه ذات موجودة متميزة بنفسها، قائمة بذاتها، خارجة عن الفلك في الجهة العليا بينها وبين الفلك بُعْدٌ مّا غير متناهٍ على ما يحكى عن ابن الهيصم، أو متناهٍ على ما يذهب إليه أصحابه، وذلك أن هذه القضية، وهي قولنا: الباري خارج عن الموجودات كلها، على هذا التفسير - ليست مناقضة للقضية الأولى، وهي قولنا: الباري داخل في العالم؛ ليكون القول بخلوه عنهما قولاً بخلوه عن النقيضين؛ ألا ترى أنه يجوز أن تكون القضيتان كاذبتين معاً، بأن لا يكون الفلك المحيط