مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سماوات وهو بكل شيء عليم 29}

صفحة 2697 - الجزء 5

  بظاهره صح الاستدلال به بدليل أنه لا يصح أن يثبت بأحد اللفظين وينفى بالآخر فلا يقال: هذا يصح التعلق بظاهره ولا يصح الاستدلال به والعكس.

  الوجه الثاني: أنا نقطع بأنه إذا قيل: أكرم بني تميم ولا تكرم منهم زيداً، فترك إكرام سائر بني تميم عُدّ عاصياً، ولولا أنه ظاهر فيما عدا صورة التخصيص وحجة فيه لما عد عاصياً.

  الوجه الثالث: أنه قبل التخصيص كان حجة في كل واحد إجماعاً فبقي كذلك حتى يظهر معارض؛ إذ الأصل بقاء ما كان على ما كان، ولم يظهر معارض إلا في القدر المخصوص فبقي حجة في الباقي.

  الوجه الرابع: استدلال الصحابة بالعمومات على ما بقي بعد التخصيص وشاع وذاع فيما بينهم ولم ينكر فكان إجماعاً، من ذلك:

  احتجاج علي # على منع الجمع بين الأختين المملوكتين في الوطء بعموم قوله تعالى: {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ}⁣[النساء: ٢٣] مع تخصيصها بقوله تعالى: {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ}⁣[النساء: ٣] وقال: أحلت الجمع آية وحرمته أخرى. ورجح التحريم، وكذلك قال عثمان ورجح التحليل؛ والمعلوم أن قوله: {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ}⁣[النساء: ٣] مخصوص بالبنت والأخت من الرضاع، والأمة المشتركة، والمزوجة وغير ذلك، وكذلك احتجاج عمر على أبي بكر في قصة مانعي الزكاة بحديث: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله» مع أنه مخصوص بقوله تعالى: {فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ}⁣[الحجرات: ١]، إلى غير ذلك مما كثر واشتهر.