تفسير قوله تعالى: {هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سماوات وهو بكل شيء عليم 29}
  قال الحسين بن القاسم: على أنه لا يكاد يوجد في أدلة الأحكام عموم غير مخصوص، فإبطال حجية العام المخصوص إبطال لحجية كل عام.
  احتج عيسى بأن العموم إذا خص صار مجازاً، وإذا كان كذلك صار استعماله فيما بقي أجمع، أو في بعض المراتب على سواء، فيبقى متردداً فيما بقي وفي كل مرتبة منه فيكون مجملاً، فلا يصح التعلق بظاهره والاستدلال به.
  والجواب: أنا لا نسلم أنه يبقى متردداً، وإنما يكون كذلك لو كانت المراتب متساوية، ولا دليل على تعيين أحدها وليس كذلك فإن ما ذكرناه قد دل على حمله على الباقي أجمع.
  قالوا: لو قال: اقتلوا المشركين إلا بعضهم لم يصح التعلق بظاهر العموم اتفاقاً فكذلك غيره.
  قلنا: هذا قياس مع وجود الفارق، فإنه إنما لم يصح التعلق فيما ذكرتم لأن التخصيص صير العام مجملاً؛ لأن البعض الذي يراد قتله يصح دخوله تحت الاستثناء كما يصح دخوله تحت العموم، بخلاف ما لو قال بعد ذلك(١): لا تقتلوا من أعطى الجزية، فإنه لا وجه للإجمال فيه؛ إذ المخصص متعين والباقي داخل فيه.
  قال الإمام (المهدي): والمعلوم أن الأشياء المعلومة إذا أخرج منها أشياء معلومة كنا عالمين بما عداها وإذا أخرج منها أشياء مجهولة
(١) أي بعد قوله: {اقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ}. تمت مؤلف.