تفسير قوله تعالى: {هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سماوات وهو بكل شيء عليم 29}
  فلا دليل لكم على حل ما لا يمكن انتفاعنا به إلا بان نؤلمه كذبح الدابة وركوبها.
  قيل: إذا قد ثبت أن العقل يحكم بجواز الأكل وغيره من وجوه المنافع، وكان ذلك لا يحصل إلا بإيلامها فإن العقل حينئذ يحسن إيلامها وجوازه، وإلا لعاد على الغرض وهو إباحة الانتفاع بالنقض، ونقطع بأن لها في ذلك مصلحة يعلمها الله، أو أنه سبحانه قد ضمن لها العوض على ذلك، على حسب الخلاف، ولا بعد في هذا، فإنه لا نزاع في أنه يجوز إيلام ما أباح الشرع أكله والانتفاع به. إذا كان لا يحصل الانتفاع من دونه، فكذلك يقال فيما أباحه العقل؛ إذ هو دليل كالشرع؛ وقد قررنا أن العقل يبيح الانتفاع بها، فيلزم منه إباحة ما لا يحصل الانتفاع من دونه من الألم. وإنما نشأ القول بأن الأصل في الحيوانات الحظر من توهم الملازمة الكلية بين الانتفاع والإيلام، وقد وضح الفرق بينهما كما قررناه، وعلى هذا فتكون العمومات السمعية مؤكدة لحكم العقل، في أن الأصل الإباحة، في حيوان وغيره، ولا يخرج من ذلك إلا ما خصه دليل. ثم إنا لو سلمنا أن الأصل في الحيوانات الحظر لما ذكرتم من قبح إيلامها عقلاً فنقول: حكم العقل بذلك ليس من القضايا المبتوتة التي لا يجوز، رفعها بل هو قضية مشروطة بأن لا يرد السمع بحسنه، وقد ورد السمع بإباحة إيلامها لأجل تحصيل الانتفاع، وذلك يستلزم حسنها؛ لأن الله لا يبيح لنا القبيح، ولا يرضاه.
  قال النجري في (شرح الآيات) فإن قيل: قول الأكثر بعموم الحل