مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة السادسة [الأصل في الأشياء]

صفحة 2726 - الجزء 5

  قال #: ونعلم ضرورة أنها لو عقلت وعلمت ما يلقاه غيرها في طلب المعيشة لاختارت ما هي عليه من الخدمة في مقابلة القيام بها وحفظها، سيما مع عجزها عن القيام بنفسها، فإنها في كثير من المواضع لا تجد بلغة ولا مأوى إلا ما حصله لها المالك، وإذا علمنا ذلك فالقدر الذي يجوز عقلاً تحميلها إياه إنما هو القدر الذي تحمل نفسها لو طلبت المعيشة والحفظ فقط، لكن الأقرب أن ما من قدر في المشقة غير المبرحة⁣(⁣١) إلا وهي تختار تحمله في طلب ذلك عند حاجتها، وهي لا تزال محتاجة إلا في وقت امتلائها، وهو يسير، فيجب التهوين عليها ذلك القدر.

  قلت: وقد تضمن قوله #: لكن الأقرب ... إلخ الرد على من قال: إنه لا يهتدي العقل إلى القدر الذي يحسن منا أن نحمله البهائم في منافع أنفسنا في مقابلة ما نوصله إليها من النفع، وقد استفيد من كلامه # أنه يقول: إن إيلام الحيوان لمنفعة أنفسنا جائز عقلاً، وهو الذي اخترناه أولاً، لكن العلة عنده # في الجواز هو كونه في مقابلة قيامنا بها.

تنبيه [مشقة الحيوان وما لا يعقل لمنفعته]

  وكما يجوز تحميل البهائم المشقة لنفعنا على ما مر تقريره فكذلك يجوز أن نحملها المشقة لنفعها كركوبها في تعهدها بالسقي، وحمل علفها عليها، وغير ذلك، وكذلك غيرها مما لا تكليف عليه فإنه يجوز تحميله المشقة لنفعه.


(١) أي الجائزة. تمت مؤلف.