مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سماوات وهو بكل شيء عليم 29}

صفحة 2731 - الجزء 5

  وأما التعليل بفقر العباد وحاجتهم فلا يصلح؛ لأن حق اللّه في التحقيق عائد إليهم.

  وأما كون حق الآدمي مبنياً على المشاححة ... إلخ فلا يقع؛ لأن المشاححة لا تصلح فارقاً، وإلا لوجب تقديم دين المشاحح من الآدميين على غير المشاحح، وإن استووا في الطلب والتعيين كذلك⁣(⁣١)؛ إذ المطلوب تفريغ الذمة من حق الغير ولولا ورود الدليل بوجوب تقديم حق اللّه تعالى لوجب تقسيط المال بين ذوي الحقوق، سواء كانوا معينين أم لا، لما ذكرنا⁣(⁣٢).

  وقال ابنا الهادي، وأبو علي، وقول للمؤيد باللّه، وقول للشافعي: بل يقسط بين دين اللّه ودين الآدمي، ولا يقدم أحدها، ورواه في (شرح الأزهار) عن أبي طالب، واختاره الإمام الحسن بن يحيى القاسمي، وولده علامة العصر، ورواه عن الهادي الحديث: «فدين الله أحق أن يقضى»؛ ولأنهما في شغل الذمة على سواء، ولما ما من أن حق الله عائد للعباد، وما مر ترجيحات غير مقصودة من جهة شرعية القضاء، وهو تفريغ الذمة، فلا اعتبار بها مع كونها متكافئة. وهذا هو المصحح للمذهب.

  ولقائل أن يقول: أما الحديث فهو عليكم لا لكم، وأما استواؤهما في شغل الذمة فغير مسلم، وإلا لما جاء الشرع بتقديم حق الله؛


(١) أي لا يصلح فارقاً. تمت مؤلف.

(٢) من أن المطلوب تفريغ الذمة. تمت مؤلف.