مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سماوات وهو بكل شيء عليم 29}

صفحة 2732 - الجزء 5

  إذ لا يقدم إلا ما هو أهم وأما عود حقه تعالى للعباد فهو حجة عليكم؛ لأنه عائد إلى مصالحهم العامة، والمصلحة العامة مقدمة على الخاصة عند التعارض.

  وأما قولهم: إن ما مر ترجيحات غير مقصودة ... إلخ فعجيب، كيف لا يكون صريح الكتاب والسنة وتقديم المصالح العامة مقصوداً، وقد مر أن ورود الشرع بتقديم حق اللّه دليل كونه أهم؟!.

  فإن قيل: قد تقدم⁣(⁣١) عن الراغب أن الحق قد يستعمل بمعنى الجدير، فعلى هذا لا يكون في الحديث دلالة على وجوب التقديم؛ لأنه يكون المعنى فحق اللّه أجدر بالوفاء، أي أولى والأولوية لا تدل على الوجوب، لا يقال: فهو يدل على أن تقديم حقه تعالى أولى؛ لأنا نقول: المراد من الأولوية هنا الحث على قضاء حق اللّه، ودفع ما عساه يتوهم من تقديم حق العباد.

  قيل: هذا الاستعمال لا يصح هنا؛ لأن الزيادة تكون من جنس المزيد عليه في هذا الباب، والتفضيل يكون في كل شيء بحسبه، فإن كان الأمر المشترك بين المفضل والمفضل عليه هو الوجوب فالتفضيل فيه، أو الندب أو التحريم فكذلك، ولا شك أن قضاء الدين مطلقاً⁣(⁣٢) واجب، فوصفه بأنه حق لا يكون إلا بمعنى أنه واجب، فإذا وصف شيء منه بأنه أحق أفاد أنه أدخل في اللزوم، وأمكن في الوجوب؛


(١) في قوله: {فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ}. تمت مؤلف.

(٢) سواء كان الله أو للعباد. تمت مؤلف.