المسألة الأولى [في ثبوت العلم]
  قوله تعالى: {وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ٣١ قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ٣٢ قَالَ يَا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ ٣٣}
  وفي هذه الجملة مسائل:
المسألة الأولى [في ثبوت العلم]
  دلت هذه الجملة على ثبوت العلم ووجه دلالتها أن اللّه تعالى أخبر بأنه علم آدم، وأن العلم حصل لا بدليل(١) قوله: {أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ}، ودلت أيضاً على أنه يصح العلم بالأشياء، وأن للأشياء حقائق يصح العلم بها، ودلالتها على ذلك ظاهرة؛ وهذا قول الأكثر، والخلاف في ذلك لأهل السفسطة والعنود، فقالوا: لا يصح العلم بشيء؛ إذ لا علم عندهم، ولا حقيقة لشيء من الأشياء؛ وهو قول مخالف للضرورة، ومن ثم اختلف أصحابنا في صحة مناظرتهم، فقال أبو القاسم والقرشي: لا يناظرون، الإنكارهم الضرورة؛ إذ ما جحدوه هو الذي ينتهي إليه المتناظران(٢)، وإذا وقع معهم ما يجري
(١) هكذا في الأصل، ولعلها (حصل لآدم بدليل نخ) واللّه أعلم.
(٢) يعني أن المتناظرين إنما يتناظران حتى يحصل لهما العلم بثبوت الشيء أو نفيه. تمت مؤلف.