مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة الأولى [في ثبوت العلم]

صفحة 2786 - الجزء 5

  مجرى المناظرة فليس المراد به إلا بيان كذبهم. ومما يجري مجرى المناظرة معهم أن يقال: أبعلم قلتم: أن لا علم ولا حقيقة لشيء، فإن قالوا نعم تركوا، مذهبهم، وإن قالوا: لا لم يستحقوا جواباً؛ إذ لا مستند لهم حتى يناقض ويعارض، وإنما يسألون عن مستند قولهم فيقال: لم قلتم ذلك؟ ولم لا تجوزون خلافه؟

  فإن قالوا: نحن نجوز ذلك.

  قلنا: فهل تعلمون ذلك الجواز أم لا؟ ثم يعود الكلام ويقال لهم أيضاً: بم تجتنبون الضرر وتتبعون النفع؟ وكيف ميزتم بين ذلك؟

  فإن قالوا: بالظن.

  قلنا: أتعلمون أنكم تظنون؟ وهل تعلمون الفصل بين العلم والظن؟

  فإن قالوا: نعم تركوا، مذهبهم، وإن قالوا: لا عاد الكلام.

  وقال أبو علي، وأبو هاشم: بل تصح مناظرتهم؛ لأنهم إنما أنكروا كون اعتقادهم علماً، والعلم بكون الاعتقاد علماً مكتسب، لا ضروري.

  وقال قاضي القضاة: إن أنكروا كون الضروري علماً لم يناظروا؛ إذ العلم به ضروري، بل يعارضون ويناقضون، كما مر، وإن أنكروا الاستدلال نوظروا؛ إذ العلم به استدلالي.

  هذا، ولم أقف للسوفسطائية على شبهة إلا ما يقع من الغلط