مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين 31 قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العلي

صفحة 2791 - الجزء 5

  صَلُحَاَ معرفاً لها، وإلا لم تحصل بهما معرفة؛ لامتناع حصول معرفة الشيء بدون تمييزه.

  واعلم بأن الغزالي صرح في المستصفى بما يفيد أن المتعسر حد العلم بالحد الحقيقي. لا بما يفيد امتيازه.

  وحاصل كلامه على ما ذكره سعد الدين أنه يعسر تحديد العلم على الوجه الحقيقي بعبارة محررة جامعة للجنس والفصل؛ لأن ذلك متعسر في أكثر الأشياء، بل أكثر المدركات الحسية كرائحة المسك، فكيف في الإدراكات الخفية؛ لكنا نقدر على شرح معنى العلم بتقسيم أو مثال.

  أما التقسيم فهو أن نميزه عما يلتبس به من الإدراكات⁣(⁣١)، فيتميز عن الظن والشك بالجزم، وعن الجهل بالمطابقة، وعن اعتقاد المقلد بأن الاعتقاد يبقى مع تغير المعتقد ويصير جهلاً، بخلاف العلم؛ وبعد هذا التقسيم والتمييز يكاد يرتسم العلم في النفس بحقيقته ومعناه.

  وأما المثال فهو أن إدراك البصيرة شبه بإدراك الباصرة، فكما أنه لا معنى للإبصار إلا انطباع صورة المبصر أي مثاله المطابق في القوة الباصرة كانطباع الصورة في المرآة كذلك العلم عبارة عن انطباع صور المعقولات في العقل، فالنفس بمنزلة حديدة المرآة، وغريزتها التي بها يتهيأ لقبول الصورة - أعني العقل - بمنزلة صقالة المرآة واستنارتها، وحصول الصورة في مرآة العقل هو العلم فالتقسيم المذكور يقطع العلم عن مظان الاشتباه، وهذا المثال يفهمك حقيقة العلم.


(١) أي الاعتقادات. تمت مؤلف.