مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين 31 قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العلي

صفحة 2797 - الجزء 5

  ولأن علم كل عالم من علماء السوء قد اقتضى سكون نفسه، بحيث لا يخطر بباله أن أحداً أعلم منه. قال: وكل حقيقة لا يحصل بها التمييز بين الحق والباطل فهي باطلة.

  قلت: وهو بناء منه على ما مر من أن لفظ العلم مشترك اشتراكاً لفظياً بين معاني متعددة، وأن حده باعتبار جميع معانيه متعذر، ويمكن أن يقال: إن أراد السيد بأنواع العلم فنونه، كعلم الكلام، وعلم النحو، وعلم الفقه ونحو ذلك فاعتراضه غير وارد؛ لأنهم لم يريدوا تمييز تلك العلوم عن بعضها الآخر في حد واحد، ولم يقصدوا في الحد هذه الفنون، وإنما قصدوا مطلق العلم من حيث أنه علم، من غير نظر إلى أنواعه، كما يقال في حد الحيوان: إنه جسم نام حساس، ولم يلحظوا إلى بيان أنواعه، ولم يقل أحد بمنع هذا التحديد على أن تسمية الفنون علوماً إنما هو اصطلاح، وإلا فكثير من مسائلها إنما هو مظنون لا معلوم، والمطلوب حد العلم الذي هو بمعنى اليقين.

  وإن أراد أنه متنوع باعتبار متعلقاته، فإن العلم باللّه غير العلم بزيد، والعلم بالسماء مغاير للعلم بالأرض، بناء على ما ذهبت إليه البهشمية أنه لا يتعلق العلم الواحد تفصيلاً بأكثر من معلوم واحده فذلك لا يمنع من تحديده؛ لأن بين هذه العلوم قدراً مشتركاً، وهو المعنى المذكور، فالحد باعتباره.

  وإن أراد ما مر من أنه مشترك بين الظن وغيره فقد مر أنهم لم يحدوه إلا باعتبار أحد معانيه، وهو ما كان بمعنى اليقين.