مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين 31 قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العلي

صفحة 2798 - الجزء 5

  لا يقال: فكان عليهم أن يبينوا أنهم لم يقصدوا إلا ذلك المعنى؛ لأنا نقول: ذلك معلوم لا يحتاج إلى بيان، على أنه مفهوم من الحد؛ لأنهم ذكروا فيه سكون النفس والجزم والمطابقة.

  وأما قوله: إن علماء السوء قد تسكن أنفسهم، ومراده أن ذلك قد لا يكون علماً لمخالفته الحق المتقرر في نفس الأمر، كمن ينسب إلى اللّه ما لا يليق به، فجوابه: أنا لا نسلم أن ذلك سكون نفس، وإنما هو بصورة السكون، وقد مر المعنى المراد من سكون النفس قريباً، وتقدم أيضاً في السابعة من مسائل قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ}⁣[البقرة: ٢١] الدليل على أن سكون النفس هو الطريق إلى العلم، ومنهم من جعل ذلك ضرورياً، وبهذا تم الكلام على حد المعتزلة.

  وقال السيد صلاح بن أحمد المؤيد: الأجود أن يقال، إدراك لا يحتمل متعلقه النقيض، قال: أي نقيض ذلك التمييز، فيشمل التصور والتصديق، بناء على أن التصورات لا نقائض لها، ويرد عليه أنه غير مانع لشموله الإدراك بالحواس الظاهرة، وليست من العلم عند أكثر المتكلمين، خلافاً للأشعري، فالسمع والبصر عنده نفس العلم بالمسموع والمبصر، وهو ضعيف؛ لأنهما صفتان زائدتان.

  وقال الإمام القاسم بن محمد يمكن أن يقال: هو إدراك تمييز مطابق بغير الحواس، سواء توصل إليه بها أم لا، فالإدراك جنس يشمل جميع الإدراكات