تفسير قوله تعالى: {وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين 31 قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العلي
  إذا كان لا يمكن إلا بتعلقه فلا شبهة أن بين العاقل والمعقول تعلقاً مخصوصاً، والتعلق إنما يتصور بين شيئين متمايزين، ولا تمايز إلا بأن يكون لكل منهما ثبوت في الجملة، ولا ثبوت للمعلوم هنا في الخارج كما مر، فهو في الذهن، فإذا لا حقيقة للعلم إلا أثر الوجود في الذهن، وأما التعلق فأمر خارج عن حقيقة العلم لازم لها.
  قالوا: وهذا الموجود في الذهن هو المعلوم، فالعلم والمعلوم متحدان بالذات، مختلفان بالاعتبار، فإن الموجود في الذهن باعتبار قيامه بالقوة العاقلة علم، وباعتباره في نفسه من حيث هو هو معلوم.
  قالوا: وإذا كان العلم بها(١) هو عدم صرف على هذه الحال وجب أن يكون العلم في سائر المعلومات كذلك؛ إذ لا اختلاف بين أفراد حقيقة واحدة نوعية. وإذا كان الوجود الذهني ثابتاً بطل الوجه الأول من هذه الاعتراضات؛ لكنه يقال: لا نسلم ثبوت الوجود الذهني، وقد نفاه جمهور المتكلمين، واحتجوا على نفيه بما مر في الوجه الثالث من لزوم كون الجبل والبحر في الذهن.
  وأجابوا عما احتج به الحكماء على إثباته بأنهم إن أرادوا بالأحكام الثبوتية أموراً ثابتة في الخارج فلا نسلم؛ إذ لا يحكم بها على ما لا ثبوت له في الخارج، وإن أريد بها أمور ثابتة في الذهن فمصادرة على المطلوب، وإذا لم يثبت الوجود الذهني بطل قولهم: إنه هو العلم.
(١) أي الصورة الحاصلة. تمت مؤلف.