المسألة الثانية في أقوال الناس في حد العلم
تنبيه [في أن حد العلم باعتبار لفظه]
  وما ذكرناه من الخلاف في حد العلم فإنما هو باعتبار الحد الذاتي والرسمي، مما يحصل به في الذهن صورة غير حاصلة، وأما اللفظي فالقائل بأنه ضروري يجيزه؛ لأن الضروري قد يحد لإفادة العبارة عنه؛ إذ الإنسان قد يعلم حقيقة الضروري ويعجز عن التعبير عما في نفسه، فالحدود المذكورة للعلم إنما هي بحسب لفظه عنده(١)، ليمكن التعبير عنه. واللّه أعلم.
تتمة في ذكر الألفاظ [المرادفة للعلم والمخالفة له وما يتصل بذلك]
  منها ما هو مرادف للعلم، ومنها ما هو نوع خاص منه، ومنها ما هو جنس له(٢)، ومنها ما هو مخالف له لكنه قد يتوهم مرادفته إياه، ومنها ما يحسن ذكره لبيان ماهيته وذكر الفرق بينه وبين العلم.
  أحدها: الإدراك، وهو لغة الوصول يقال: أدركت الثمرة، إذا وصلت وبلغت حد الكمال، وفي الاصطلاح: وصول النفس إلى المعنى بتمامه من نسبة أو غيرها، وفي هذا الحد مراعاة للمعنى اللغوي؛ لأن القوة العاقلة إذا وصلت ماهية المعقول وحصلتها كان ذلك إدراكاً لها من هذه الجهة.
  قيل: والشائع في معناه أنه حصول صورة الشيء في العقل، أي صورة الشيء الحاصلة عند العقل، وفيه أنه إن أريد بالعقل ما هو المشهور
(١) أي عند القائل بأنه ضروري، واللّه أعلم.
(٢) أي الإدراك. تمت مؤلف.