تفسير قوله تعالى: {وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين 31 قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العلي
  ولا يقال: يعرف(١) كذا قال: والعلم يضاده الجهل.
  هذا، وأما الحكماء فلهم في معنى هذه اللفظة أقوال كلها تدل على عدم الترادف، فقيل: العلم يتعلق بالمركبات والمعرفة بالمفردات، وربما قالوا: المعرفة هي التصور والعلم هو التصديق، وهؤلاء جعلوا العرفان أعظم درجة من العلم قالوا لأن تصديقنا باستناد هذه المحسوسات إلى موجود واجب الوجود وأمر معلوم بالضرورة، وأما تصور حقيقته فأمر خارج عن طوق البشر، ولأن الشيء ما لم يعرف وجوده فلا تطلب ماهيته، فعلى هذا كل عارف عالم ولا عكس، ولذلك فإن الرجل لا يوصف بالعرفان إلا إذا توغل في العلم وبلغ غايته بحسب الطاقة البشرية.
  قالوا: وفي الحقيقة أن أحداً لا يعرف اللّه سبحانه لاستحالة الاطلاع على كنه ذاته.
  قلت: إن أرادوا أن أحداً لا يعرف كنه ذاته فمسلم، وإن أرادوا أن أحداً لا يعرف ما يجب من معرفته وهو إثباته وإثبات صفاته فهو خلاف ما عليه المسلمون من اتفاقهم على حصول معرفة اللّه تعالى.
  وإن اختلفوا في كونها ضرورية أو نظرية.
  وقيل: المعرفة إدراك الجزئيات والعلم إدراك الكليات.
  وقيل: المعرفة إدراك المحفوظ ثانياً(٢).
(١) لأن المعرفة لا تستعمل إلا في العلم القاصر المتوصل إليه بتفكر. تمت مؤلف.
(٢) فمن أدرك شيئاً وحفظه في نفسه ثم أدركه ثانيا وعرف أنه الأول فهذا الإدراك هو المعرفة. كما يقال: عرفت هذا الرجل، وهو الذي كنت رأيته وقت كذا. تمت مؤلف.