مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين 31 قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العلي

صفحة 2825 - الجزء 5

  وهو باطل، وإلا لزم تسمية من علم مسألة أو مسألتين فقيهاً، وليس كذلك اصطلاحاً.

  وأجيب باختيار الأول، ولنا في تقريره طريقان:

  الأولى: أن العلم هنا بمعنى التهيؤ، وهو أن يكون عند المجتهد ما يكفيه في العلم بالأحكام، بأن يرجع إليه عند النظر فيحكم؛ وعدم العلم في الحالة الحاضرة لا ينافيه؛ لجواز أن يكون ذلك لتعارض الأدلة، أو لعدم التمكن من الاجتهاد في الحال لاستدعائه زمناً طويلاً.

  فإن قيل: إن أريد بالتهيؤ البعيد فهو حاصل لكل عاقل فيلزم أن يكون كل عاقل فقيهاً، والمعلوم خلافه، وإن أريد القريب فلا ضابط له؛ إذ لا يعرف أن أي قدر من الاستعداد يقال له: التهيؤ القريب.

  قيل: نختار الثاني، وقوله: لا ضابط له ممنوع، فإن معناه ملكة يقتدر بها على إدراك جزئيات الأحكام وإطلاق العلم على هذا التهيؤ⁣(⁣١) شائع عرفاً، يقال: فلان يعلم النحو، ولا يراد أن جميع مسائله حاضرة عنده على التفصيل، بل إنه متهيئ لذلك.

  الطريقة الثانية: أن العموم معتبر بالنظر إلى المجتهد وهو أن تكون جميع الأحكام الحاصلة له بالفعل ثابتة بطريق علمية، وهي طريقة الاستدلال، ومما يعترض به عليهما أنهما غير مانعين، لدخول غير المحدود فيه، وذلك أن العلم بوجوب الأمر الشرعي على سبيل الجملة


(١) المعبر عنه بالملكة. تمت مؤلف.